الجمعية
اللبنانية لتاريخ العلوم
العربيّة Société
Libanaise d'Histoire des Sciences |
> وزير التربية | ملخص كلمة |
S.E.
le Ministre de l'Education et de l'Enseignement Supérieur
Inauguration
de la Bibliothèque de Recherche en Histoire des Sciences
أيها الحفل الكريم
لا يسعني وأنا أدخل هذا الصرح الجامعي الرحب إلا أن أعبر عن مشاعر الغبطة والاعتزاز بهذا الانجاز الحضاري الضخم، والتي تكتمها غصةٌ عميقةٌ في القلب لغياب الرجل الذي سعى إلى تحقيق هذا الحلم الذي ظل يراود أجيالاً من طلاب الجامعة اللبنانية منذ نشأتها في ستينات القرن الماضي، إنه الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي كان انشاء هذا المجمع أحد أحلامه الكبرى، والذي كان لا يجد متعة أشهى من أن يجد نفسه بين طلاب ساهم في إتاحة فرصةٍ للتحصيل العلمي أمامهم، وظل يسعى طيلةَ حياتِه، التي ابتسرتها يدُ الغدر والإجرام، سواء عن طريق مؤسسته التربوية أو عن طريق الدولة التي تولى مسؤوليةَ الحكم فيها، إلى إقامةِ المجمعاتِ الجامعية الكبرى التي تهيىء البيئة الفضلى لطلابنا في متابعة تعليمهم العالي بما لا يتدنى عن المستوى الذي تقدمه لطلابها الدول المتقدمة في عالمنا المعاصر.
أيها الزميلات والزملاء،
يسرني ويشرفني أن أشارككم افتتاح هذه المكتبة المتخصصة بالتراث العلمي العربي، التي ساهم في إنشائها بجهد مشكور الجمعية اللبنانية لتاريخ العلوم العربية والمجلس الوطني للبحوث العلمية، واحتضنتها الجامعة اللبنانية، وكانت نواتَها المكتبةُ الشخصية الغنية بالكتب والمخطوطات النادرة المتخصصة في تاريخ الرياضيات للباحث الراحل عادل أنبوبا والذي كان من واجب الوفاء له ان تحمل هذه المكتبةُ اسمَه تكريماً لذكراه.
أيها السيدات والسادة،
إن التقدمَ الحضاري عامةً والتقدم العلمي خاصةً هو ثمرةُ تراكم متواصلٍ تُسهم فيه الحضاراتُ المتعاقبة التي شكلت حلقاتٍ متصلةٍ نقلت البشرية من العصر الحجري إلى عصر الذرة وثورةِ المعلوماتية والاتصالات. فنحن كما يقول أحد تامؤرخين المعاصرين إذا كانت معرفتُنا اليومَ أوسع من معرفة أسلافنا، فإن هذا لا يرجعُ إلى أن لنا عقولاً أكثر نمواص وتقدماص مما كانت عليه عقولُهم، وإنما يرجعُ إلى أننا ورِثنا ما وهبوه لنا في صورة معرفةٍ وحكمة، ونحن نستطيع اليوم أن نرى على مدى أبعد، وعلى نطاق اوسع مما كانوا يرون، ليس لأن لنا عيوناً أنفذ من عيونهم، وإنما لأننا نقف، إن صح التعبير، فوق أكتافهم مما يمكننا من أن نرى أكثر مما كانوا يرون.
ومع أن فلاسفة عصر التنوير الأوروبي هم الذين جعلوا من تاريخ العلوم حقلاً من حقول المعرفة، فإن الاهتمام بهذا الحقل المعرفي لم يبدأ إلا في ستينات القرن الماضي، بالتوكيد على الصلةِ الوثيقة بين المواد العلمية وتاريخها، لأن الفهمَ الكاملَ لأي علمٍ من العلوم لا يتم إلا من خلال الاطلاع على تطوره التاريخي، ولعل المثال الأبرز على ذلك هو علم الفلك حيث لا بد للعالم المعاصر من الاستناد إلى معرفةِ أسلافه بالأرصاد المختزنة في كتب هذا العلم لدى الحضارات المتعاقبة على امتداد الزمن. إلا أن الحضارة الغربية المعاصرة، ابتليت بما يسميه أشهر فلاسفة التاريخ المعاصرين أرنولد توينبي، وهم حب الذات الذي عانى منه كل من سبقها من الشعوب، وهكذا وفي هذا السياق برزت عقدة الانتماء الغربي للعلوم.
ومع اضطرار علماء الغرب للرجوع إلى المصادر العربية في شتى حقول العلم والفلسفة، لم يجدوا في العلم العربي إلا خزاناً حُفِظت فيه العلوم اليونانية، مما أدى، لا إلى الاساءة للعقل العربي ومساهمة العرب في تطوير العلوم فحسب، وإنما إلى تشويه نتائج العلم اليوناني وفصل هذا الشعب عمن سبقه ومن تلاه أيضاً، وبالتالي إلى فهم مبتور لشتى أوجه الحضارة وتواصل التقدم العلمي منذ فجر الحضارة في أرض النيل والرافدين مروراً بالحضارة الهيلنية وحضارات العرب والهند والصين وسائر الأمم، التي لا يمكن انتزاع أي حلقة منها من سلسلة التقدم العلمي والحضاري دون اجتزاءٍ وتشويهٍ للصورة التي تُرسَمُ لهذا التقدم.
والحقيقة أن الحضارة الغربية التي انطلقت منذ عصر النهضة في القرن السادس عشر قد ارتكزت على ما وصل إليها من الحضارة العربية التي امتلأت خزائنها بشتى أنواع العلوم ومنها الرياضيات والفلك والطب والكيمياء والصيدلة وسواها، والتي لا تزال تشهد عليها كبريات الجامعات في أوروبا الغنية بالمراجع والوثائق والمخطوطات التي تشهد لهذه الثروة الحضارية والتي لم يحسن العرب حفظَها أو اشتثمارَها أو الافادةِ منها. وتأتي هذه المكتبة اليوم بما تتضمنه من كتب ومخطوطات ومراجع علمية لتكون شاهداً على هذه الحضارة العلمية التي كان لها فضل كبير في بناء صرح الحضارة العالمية.
أيها السيدات والسادة،
إن الاعمال المتراكمة منذ بضع عشرات من السنين للوصول إلى معرفة أفضل لتاريخ العلم العربي وإسهامه في التقدم العلمي، ما زالت بعيدة عن تحقيق هذه الغاية بسبب وجود عشرات الألوف من المخطوطات العلمية المبعثرة وغير المصنفة في المكتبات العربية والعالمية، ولعل هذه المكتبة ستكون نواةً لجمع أصول تلك المخطوطات أو صور عنها، والتي يمكن أن تؤدي إلى إنشاء مركز للأبحاث والتوثيق في تاريخ العلم العربي بموازاة مراكز الأبحاث المتطورة في الدول الأوروبية في هذا الميدان.
وختاماً أكرر الثناء على الجهود التي بذلت في إنشاء هذه المكتبة واختيار اسم الباحث الراحل عادل أنبوبا إسماً لها تكريماً لذكراه، متمنياً لكم التوفيق والاستمرار في حمل رسالة العلم والمعرفة.
(ملخص كلمة معالي وزير التربية والتعليم العالي الدكتور خالد قباني في افتتاح مكتبة البحث في التراث العلمي العربي.)
(Résumé) Allocution de S. E. Khaled Qabbanî, Ministre de l'Education et de l'Enseignement Supérieur
S. E. a commencé son discours en exprimant sa fierté concernant le statut du Campus Universitaire. Il a exprimé que ce rêve de plusieurs générations d'étudiants du Liban, n'aurait pu devenir une réalité, que grâce à la volonté du Premier Ministre martyre, Rafic al-Hariri, connu de tous par son amour à la science et son encouragement de toute action qui la favorise. S. E. Qabbanî a rappelé que l'histoire des sciences est une discipline récente qui a vu le jour au cours au XVIIIe siècle avec «la philosophie de la lumière» mais qui a vu son essor dans les années soixante du vingtième siècle. Il a insisté sur l'importance scientifique et pédagogique de l'histoire des sciences en tant que discipline, et sur les raisons scientifiques et philosophiques qui ont poussé les états européens développés à s'intéresser à l'histoire des sciences et, particulièrement à la période arabe (VIIIe - XVe siècle). Il a souligné la dimension internationale de la science arabe. Pour lui, l'étude de cet héritage montre que le développement de la science est un processus d'intégration et de continuité et que le progrès scientifique est le fruit d'une accumulation de contributions dynamiques de toutes les cultures. Elle contribue, par conséquent, à enrichir le «dialogue des civilisations» et réajuste certaines tendances stéréotypées qui supposent que la science est le produit exclusif de certaines sociétés. Il a conclu en félicitant l'Equipe d'Etude et de Recherche sur la Tradition Scientifique Arabe et en exprimant l'engagement du ministère au soutien de la recherche sur l'histoire des sciences.
Page Suivante (cliquer ici)
> Next Page (click here) >